التوازن المعجز أثناء نشأة الكون
قال تعالى: (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (الأنعام:14). قال تعالى وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ) (الرحمن:7) .
يقول باول ديفز أستاذ الفيزياء النظرية( رافقت قوة انفجار الكون العشوائية دقة في طاقة جاذبيته الثقالية لا يمكن تخيلها، والانفجار الكبير لم تكن واضحة.. فهي ضربة قديمة..إلا أن مقادير انفجارها كانت مرتبة بعناية فائقة مختارة)[1].
يقدر العلماء أنه يوجد أكثر من ثلاثمائة بليون مجرة في كل الكون، ولتلك المجرات عدد من الأشكال المختلفة (الحلزون، الإهليلجية..الخ )، ولك واحد تحتوي من النجوم بقدر ما يحتوي الكون كله من المجرات، وأحد تلك النجوم هو الشمس ولها تسعة كواكب أساسية تدور حولها في توافق عظيم، وكل منا يعيش على الكوكب الثالث من تلك الكواكب الثالث من تلك الكواكب المعدودة بدءاً من الشمس.
انظر حولك: هل أن ما تقع عليه عينك يتسم بالفوضى والعشوائية أم بالانتظام والدقة ؟ لكن كيف يمكن للمادة أن تكون قد شكلت مجرات منظمة إذا كانت تبعثرت عشوائياً ؟ لماذا تجمعت وتراكمت المادة عند نقاط معينة وشكلت النجوم ؟ كيف أمكن لتوازن الدقيق المرهف لمجموعتنا الشمسية أن انبثق من انفجار عنيف. تلك الأسئلة هامة جداً لأنها تقودنا إلى السؤال الحقيقي الذي هو: كيف تركب الكون بعد الانفجار الكبير ؟.
إذا كان الانفجار الكبير في الحقيقة هو انفجار هائل وعظيم فمن المعقول أن المادة تبعثرت في كل مكان بشكل عشوائي، لكنها حالياً ليست كذلك وبدلاُ من ذلك نراها منظمة في كواكب ونجوم ومجرات وعناقيد مجرية، ومجرات فوق عنقودية، وعناقيد عملاقة، وكأن ذلك يماثل انفجار قنبلة في مخزن قمح، وأدى
صورة لفريد هويل
لسقوط كل حبات القمح على شبكة ذات أكياس مرتبة ملساء ومرزومة بشكل بالات ومحمولة على ظهور عربات نقل وجاهزة للتسليم بدلاً من تناثرها كالمطر بشكل قطرات في كل اتجاه، ولقد عبر (فريد هويل ) الذي يعتبر معارضاً شرساً لنظرية الانفجار الكبير لعدة سنوات عن دهشته الشديدة لهذا التركيب فقال:
" تقتضي نظرية الانفجار الكبير أن الكون بدأ بانفجار واحد، وحالياً كما نشاهد فإن أي انفجار يلقي المادة ويفرقها كلياً، بينما الانفجار الكبير أنتج بشكل غامض وسري تأثيراً معاكساً فجعل المادة تتجمع وتتراكم مع بعضها البعض في شكل مجرات " [2]
الشكل التالي يوضح نشوء الكون بما يعرف اصطلاحا الضربة الكونية أو الانفجار العظيم الذي فيه شيء من الخطأ كاسم فالانفجار كما هو معروف ينشأ عنه فوضا وليس نظام أما القرآن الكريم فيسمي هذه العملية بالفتق (ففتق الثوب لا يكون إلا بشكل دقيق وموجه ومن قبل خياط ماهر وليس بشكل عشوائي)
قُدر للمادة التي نتجت من الانفجار الكبير أن تكون أشكالاً منظمة مرتبة وهذا في الحقيقة شيء غريب وغير متوقع، وحدوث مثل تلك التوافقية والانسجام بين أجزاء الكون كله يقودنا إلى حقيقة هي أن الكون كله كان نتيجة الخلق الكامل من قبل الله، وفي هذا البحث سوف ندرس هذا الكمال المدهش والرائع ونفصل فيه القول.
مقتبس من منتدي نور الاسلام