بسم الله الرحمان الرحيم
إخوة الايمان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركته وبعد: لقد أعجبني هذا الموضوع فنقلته لتعم الفائدة باذن الله لكل أعضاء المنتدى وفي كل المجالات العلمية ، فأرجو إن أعجبكم الموضوع الدعاء لي بالتوفيق ، وأتمنى أن لا يكون موضوعي مكررا وهو كالتالي :
يقول الدكتور بادحدح :
لحفظ العلم عليك بإخلاص العمل وإصلاح العمل وإذكاء الأمل
أماإخلاص العمل
فإن كل عمل بلا إخلاص هباء، وكل عمل لا يراد به وجه الله - عز وجل - لا يكتب له التوفيق ، ولا ينتهي إلى الغاية المحمودة ، ولا يصيب الأمل المنشود ونحن نعلم ذلك وتدل عليه نصوص كثيرة.
وأما إصلاح العمل
فإن الله - جلا وعلا - قد قال : { واتقوا الله ويعلمكم الله }، ونحن نعلم أن العمل الصالح هو الذي يورث نور القلب، وانشراح الصدر، وسكينة النفس، وحدة الذهن، وقوة الحافظة، وسلامة الجوارح ؛ فإن الله - جلا وعلا - يمنُّ على من استخدم جوارحه في طاعته ومرضاته ، وسخر بدنه وملكاته فيما يحب الله ويرضى .. يمنُّ الله - جلا وعلا - عليه بحفظ حواسه وسلامتها له ويزيده فيها ما يميزه عن غيره بإذن الله - عز وجل - وقد روي عن ابن مسعود وأرضاه أنه قال : " إن العبد ليحرم العلم بالذنب يصيبه " ، وكما قال الله جلا وعلا : { واتقوا الله ويعلمكم الله }؛ فإن من أراد أن يتهيأ لحفظ القرآن، وطلب العلم، ومعرفة الحق والاستزادة من الفقه في الدين فإن طريقه أن يتطهر قلبه ويزكي نفسه بإصلاح العمل وإصلاح القصد لله سبحانه وتعالى.
وأما إذكاء الأمل
فنعني به الثقة بالله - سبحانه وتعالى - والأمل في عطائه ومنته وجوده ، فلا يتسرب اليأس إلى نفسك في هذا الأمر - أي حفظ القرآن - ولا في غيره من الأمور ؛ فإن بعض الناس يغلق على بعضه أبواب الأمل وما يزال يسرب على نفسه ويجلب إليها المثبطات والمحبطات ويكثر ويعظم لها العوائق فحينئذً لا يكون عنده اندفاع ولا حماس ولا تهيؤ نفسي ولا قوة عملية لحفظ ولا لغيره من الأعمال ، ولقد كان من تربية النبي - - لأصحابه ولأمته أن يبعث الأمل دائماً حتى يكون ذلك موقد لشعلة العمل ومذكي لنار الحماسة ومعلياً لمعالي الهمم بإذن الله - سبحانه وتعالى - فلا بد لنا من إخلاص وصلاح وأمل حتى نتهيأ لهذا العمل الصالح ولغيره.
وأما عند البداية فنحتاج أيضاً إلى ثلاثة أمور :
1- ملائمة الابتداء.
2- ومواصلة الارتقاء.
3- وكفاءة الأداء.
أما ملائمة الابتداء
فنعني بها ألا تأخذنا الحماسة ، فنبدأ بدية مندفعة لا تتناسب مع مقدرتنا وطاقاتنا أو إمكاناتنا ولا تتوافق مع ظروفنا ومشاغلنا وبيئتنا وهذا يحصل كثيراً عندما يستمع المرء إلى تفضيل لأمر من الأمور ، أو ثواب في عمل من الأعمال ، فتتحمس نفسه ويشتاق إلى ذلك الأجر والثواب ، فيبدأ بدايةً قوية شديدة أخذاًً فيها بأقصى طاقته بالغاً فيها غاية جهده فلا لبث بعد قليل أن تقعده العوائق ، وتصرفه الصوارف ؛ لأن واقع الحال يختلف مع ما أخذ به نفسه من الشدة ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ( أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل ) ، والقليل الدائم خير من الكثير المنقطع ولا نريد أن نطلق مع العواطف دون أن نقدر الأقدار ونحسب الحساب ألازم لكل عمل وما يحتاجه من وقت وما ينبغي تهيئته له من ظرف وما يحتاج إليه أيضاً من طاقة وبذل وعمل.
وأما مواصلة الارتقاء
فنعني بها الاستمرارية التي تتحقق به النتائج والتي تعظم بها الحصيلة والتي تجنى بها الثمار؛ فإن المرء قد يحن الأمر ويتقنه ويبدأ فيه ويحصله، ثم لا يلبث أن ينقطع فيضيع ما قد حصله، ويتبدد ما قد جمعه فيعود مرةً أخرى كأنما يبدأ من الصفر من جديد، فيجمع ويكسب ويحصّل، ثم لا يستمر ولا يبني على ما سبق، فلا يزال في مكانه يسير دون أن يتقدم، ودون أن يرتقي، ودون أن يضيف إلى رصيده مكتسبات حقيقية لها صفة الدوام والاستمرار، ولها صفة الحفظ والاستقرار؛ فإن كثير من الناس في هذا الشأن كمن يحرث في ماء البحر - كما يقال - والذي يحرث ماء البحر لا يخرج بنتيجة ولا يحصل على ثمرة مطلقة.
وأما كفاءة الأداء:
فإننا لا نريد أن نستمر بعمل ناقص وبإتقان مختل؛ فإن هذا يشبه الذي يمشي بالعرج؛ فإنه ما يزال يتعثر ويتأخر وإن كان مستمراً ثم إنه كذلك يجد أنه يحتاج في كل مرةً أن يرمم عمله الذي أنجزه وأن يصلح ويكمل ثمرته الذي زرعها على أكمل وأتم وجه؛ فإن الكمال والتمام يريح الإنسان ويوفر وقته ويوفر جهده، وأما الذي يعمل العمل فيتمه من غير إحكام؛ فإنه كأنه في بعض الأحوال لم يصنع شيء فيكون كحال الذي توقف وانقطع مثله مثل الذي يستمر على خلل ونقص دون أن يراعي الكفاءة والكمال المنشود.