تحاول وزارة التربية فرض رأيها في مشروع الوتائر المدرسية الذي طرحته للنقاش منذ مدة، بإشراك النقابات المستقلة وفيدرالية أولياء التلاميذ، حيث ستلجأ ابتداء من العام المقبل إلى تمديد السنة الدراسية بأربعة أسابيع إضافية، ورفع ساعات الدراسة للمتمدرسين دون تخفيض البرامج
إعادة النظر في حجم الموسم الدراسي دون تخفيض كثافة الدروس يثير قلق النقابات
ضاربة بمقترحات الشركاء الاجتماعيين عرض الحائط وهو ما أثار تحفظ “الكناباست” الذي رفض تزكية مقترحات الوصاية على حساب مصلحة التلاميذ، مشككا في مصداقية اللجنة كونها اعتمدت التسرع.
تزامنا مع الدعوة التي تلقاها المجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني لحضور أشغال الندوة الوطنية حول الوتائر المدرسية التي تنظم اليوم، لتقديم التقرير النهائي حول ما خرجت به اللجنة الوطنية المكلفة باقتراح صيغ جديدة للوتائر المدرسية، عبر المكتب الوطني لـ”الكناباست” عن رفضه لمقترحات اللجنة، وأكد تحفظه على الطريقة التي انتهجتها اللجنة في دراستها لمقترحات الأسرة التربوية، حيث اعتمدت التسرع في الوقت الذي كان من المفروض إعطاء الملف حقه من الدراسة المعمقة والمتأنية، بتأطير من ذوي الاختصاص من الباحثين الجامعيين، من أجل إخضاع الوتائر المدرسية لحاجات التلميذ وقدراته، وليس العكس حسب المنسق الوطني، نوار العربي، الذي طالب بتوسيع النقاش على مستوى مؤسسات تعليمية وإشراك أكبر قدر منها ومن الأساتذة في الميدان.
وزارة التربية تقصي المؤسسات التربوية في مناقشة ملف الوتائر المدرسية
وأوضح المكلف بالإعلام لـ”الكناباست”، بوديبة مسعود، في تصريح لـ”الفجر”، أن ملف الوتائر المدرسية المطروح منذ مدة من طرف الوزارة الوصية، لم يأخذ حقه من النقاش، حيث لم يفتح النقاش على مستوى عينات من المؤسسات التربوية، مما يوحي حسبه بالاستعجال في الأمر، في الوقت الذي لم يتم إطلاعهم على تقارير الولايات ولا عدد المؤسسات التي شاركت في المناقشة، ولا عدد الاحتجاجات التي أفضت إلى هذه التقارير، مؤكدا أن وزارة التربية تحاول الظفر فقط بتزكية النقابات المستقلة، من خلال إقحامها في الملف منذ اليوم الأول لتحميلها مسؤولية أي عواقب.
وأكد “الكناباسات” رفضه للمقترحات التي خرجت بها اللجنة بخصوص الوتائر المدرسية، لاسيما ما تعلق منها بمبدإ تمديد أسابيع الدراسة خلال السنة الدراسية من 32 إلى 36 أسبوعا، بداية من الدخول المقبل، حيث يرفع الموسم الدراسي بأربعة أسابيع إضافية، وسيقدم تاريخ الدخول المدرسي إلى الفاتح سبتمبر بالنسبة لولايات الشمال، وإلى 11 من ذات الشهر لولايات الجنوب، ويؤخر تاريخ انتهاء السنة الدراسية حيث سيكون في نهاية ماي للثانوي، وبداية جوان للمتوسط، ونهاية جوان للابتدائي، تتخلله ثلاث عطل، قلصت هي الأخرى خاصة لدى ولايات الجنوب، مما سيجبر التلاميذ والأساتذة على رفع عدد الحصص، وبدل تقديم درس في حصتين سيتم تقديمه في ثلاث أو أربع حصص، وهو ما أثار سخط النقابة التي اقترحت تمديد أيام الدراسة في الأسبوع.
وأضافت ذات المصادر أنه بخصوص دراسة هذا الملف لم يتم اعتماد كفاءات جامعية عالية من أهل الاختصاص في ميدان التربية والبيداغوجيا، بل اعتمدت فيه المقاربة الرقمية كمقاربة وحيدة للدراسة المقارنة، مما أفقد الدراسة العمق البيداغوجي، موضحة أنه لا يمكن دراسته في منأى عن مراجعة المناهج بالتخفيف منها، وإعادة توزيعها عموديا في كل طور وفي كل سنة من سنوات الطور، وأفقيا بالنسبة للمواد المتكاملة أو المتفاعلة كالرياضيات والفيزياء مثلا، وهذا بعد أن قررت الوصاية تخفيض فقط برامج المرحلة الابتدائية دون إعادة النظر في برامج المتوسط والثانوي التي تشهد كثافة تسببت في ضغط كبير عند المتمدرسين.
ورفض “الكناباست” مبدأ عدم احترام آراء الشريك الاجتماعي، بدعوى أن هذا الرأي لم يأخذ إجماع الشركاء الآخرين، خاصة النقابات منهم، حسب نوار العربي، الذي قال “إنه أمر مرفوض لأن هذه النقابات لا يمكن أن تجتمع على رأي لاختلاف أسباب وجودها، وفي أمر كهذا يجب تحري الصدق والواقعية وكذا احترام أهل الاختصاص لأنه يمس مستقبل الأجيال ومستقبل التربية والخطأ فيه غير مقبول أبدا”.
وعلى صعيد آخر تطرق “الكناباست” إلى محاولات الحكومة فرض الشريك الاجتماعي، حيث سجلت النقابة إصرار هذه الأخيرة على اعتماد شريك اجتماعي وحيد كممثل العمال، رغم فقدانه للتمثيل على مستوى قطاعات واسعة وخاصة في الوظيفة العمومية، في حين تعرف بالتعددية النقابية لأرباب العمل، حسبها، مؤكدة أن هذا يعكس سياسة السلطات العليا، المتمثلة في دعم أرباب العمل على تخفيض الضرائب والإعفاء من الأعباء الاجتماعية وغيرها من المساعدات على حساب الحقوق الاجتماعية للملايين من العمال، خاصة في القطاع الخاص المحرومين من الاشتراك في صناديق الضمان الاجتماعي والتقاعد، وهذا حتما سيزيد من نقص ثقة العمال ومن ثم المواطنين في السياسات المنتجة.
غنية توات