مسؤول بوزارة التربية: وراء الإشاعة "عصابة" من داخل القطاع
استهداف العلوم الإسلامية بحكم أنها مادة مشتركة لجميع الشعب
عرفت أسئلة مادة "العلوم الإسلامية" المندرجة في امتحانات شهادة البكالوريا 2010 - 2011 والموجهة لطلبة جميع الشعب، أول أمس، انتشارا واسعا أخذ طابع "التعويم والإغراق"، ليلة الامتحان، بكثير من ولايات الوطن، وكانت مدن ولاية المدية الأكثر انتشارا.
وقد راجت شائعات تسريب موضوع امتحان العلوم الإسلامية لاجتياز شهادة البكالوريا عبر جميع ولايات الوطن، أمس، حيث يمتحن لنيل شهادة قرابة نصف مليون مترشح ولليوم الثالث على التوالي، وخلفت ذات الأخبار حالة من القلق والتوتر وسط الممتحنين، خاصة بعد ما اشتكى المترشحون من ظاهرة مغادرة أغلب زملائهم في وقت مبكر، خلال الساعة الأولى من الامتحان مما أعطى انطباعا أن تلك الشائعات حقيقية ولا غبار عليها.
وتلقت "الشروق"، ليلة الامتحان، عديد المكالمات الهاتفية المنبهة الى خطورة ما حدث، وأن موضوع امتحان العلوم الإسلامية قد حصل له "تسريب"، من خلال ذكر تفاصيل ما سيعرض على الممتحنين صباح الامتحان، وعالجنا القضية على أساس أن الأمر مجرد إشاعات، خاصة وأن حديث التسريب راج عبر ولاية بومرداس بكل من بودواو وخميس الخنشلة، بخصوص مواضيع شعبة التسيير والاقتصاد، ولم يتبين لنا صحة المعلومات ولم نفتك دليلا واضحا بذلك، خاصة وأن ناقلي تلك الأحاديث تعهدوا لنا، قبل يومين بإرسال الأسئلة التي قيل أنها "سرّبت" عبر الفاكس، لكن زاعمي ذات الأمر لم يقوموا بإرسال تلك المواضيع، حسب زعمهم.
وصنفنا القضية في خانة "الإشاعات المغرضة"، حيث لم يكن بوسعنا بعد أن قارب توقيت الاتصالات منتصف الليل -ليلة الاثنين إلى الثلاثاء- التنقل للتأكد من وثيقة الامتحانات المسربة، وأمعنا في تصنيف الحديث المنتشر عبر الولايات كالنار في الهشيم، وانتظرنا إلى غاية الصباح لنتأكد من أن السواد الأعظم من الطلبة بالمراكز التي قمنا بزيارتها بمدينة المدية والعاصمة كانوا على علم بفحوى وثيقة الامتحان التي جرى تسريب محتواها الليلة السابقة، وتوالت الاتصالات الهاتفية على قاعة التحرير من ولايات بسكرة، عنابة، سكيكدة في الوهلة الأولى.
وكانت الكارثة ووقع الصدمة كبيرين عندما وزعت أسئلة الامتحانات، وكانت هي نفسها التي جرى الاتصال بشأنها وتداولها بين المترشحين بالهاتف والفاكس والوسائط الالكترونية، ليلة الاثنين الى الثلاثاء المنصرمين، وقد كشفت كثير من التحقيقات والاتصالات التي قمنا بها أن مصدر التسريب كان من إحدى ولايات الوسط غير بعيد عن المدية.
فيما نفت مصالح مديرية التربية لولايتي المدية والعاصمة، وبالقطع والتأكيد أن تكون الامتحانات قد خرجت من دوائرها وهياكلها، حسب ما أفادت به "الشروق" المكلفة بالإعلام بمديرية التربية الجزائر وسط وكذا مدير التربية الجزائر غرب، زغاش ساعد، الذي قال "أنفي قطعيا أن يكون ذلك في الجزائر غرب، والدعاية ليس هذه فقط"، وأفاد زغاش "في بئر توتة تنقلت شخصيا وكذا الوزير وقيل للوزير أن النقال يدور من مكان لآخر داخل القاعات بين المترشحين وثبت عكس ذلك".
ولم تستبعد المصادر التي اتصلنا بها أن تكون تسريبات أخرى سبقت تسريب وثيقة أسئلة امتحان "العلوم الإسلامية" على غرار مادة الفلسفة ومادة القانون الموجهة لطلاب شعبة التسيير والمحاسبة التي جرى الامتحان فيها أمس، ولم تستبعد أيضا أن تكون مادة العلوم الإسلامية مقصودة بطابع "التعويم" و"الإغراق" من أجل ضرب مصداقية بكالوريا هذا العام في الصميم على اعتبارها مادة للامتحان مشتركة بين جميع الشعب.
وعلى الرغم من جاهزية الردود التي يمكن أن تصنف ما تحدثنا عن حدوثه بعين اليقين ولسانه، في خانة الإشاعة والإغراض الكاذب، إلا أن "الشروق" وإبراء للذمة، تؤكد أنها عاينت وتأكدت خطوة بخطوة من عملية تسريب وثيقة أسئلة العلوم الإسلامية الموجهة إلى جميع الشعب وتأكدت من حدوثها ليلة الامتحان.
وفي اتصال بمكتب وزير التربية الوطنية، لم نتلق ردا واضحا من كاتبة الوزير، فيما ظلت الهواتف النقالة والثابتة لكل من الأمين العام بالوزارة والمكلف بالإعلام، ترن دون رد، لتبقى الخطوة المنتظر أن تباشرها الوصاية هي فتح تحقيق لمحاسبة المتسببين وجبر الضرر الذي لحق بعموم الطلبة الذين قضوا أيام سنتهم الدراسية في البحث والتحصيل - حسب ما قال لنا بعض الأولياء من سكيكدة وكذا بسكرة وعنابة - بدل البحث عن التبريرات والتصنيفات التي تكذبها الوقائع، ويبقى السؤال كبيرا عن هوية الجهة الواقفة وراء هذا العمل المشين.