تعريف الربا :
لغة : الزيادة ومنه قوله تعالى : ( وإذا أنزلنا عليها الماء إهتزت وربت ) الحج 5 أي زادت ونمت
إصطلاحا : هو زيادة أحد البدلين على الآخر دون أن يقابل هذه الزيادة عوض .
مراحل تحريم الربا :
حرم الله الربا كتحريم الخمر بالتدرج وفق أربع مراحل وهي كالآتي حسب ترتيب نزول هذه الآيات الواردة فيه :
المرحلة الأولى : ورد في سورة الروم أن الربا ليس له عند الله ثواب قصد تهيئة النفوس لتقبل فكرة تحريمه : ( وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربو عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هو المضعفون ) الروم 39
المرحلة الثانية : وقد ورد في سورة النساء الآيتان 160/161 أن الله عاقب اليهود بسبب جرائمهم من أكل الربا ومخالفتهم لما نهى الله عنه ، وكأن الآية تقول لا تفعلوا مثلهم فيصيبكم ما أصابهم ، فقال تعالى : ( فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما )
المرحلة الثالثة : وفي سورة آل عمران الأية 130 ، خرم الله الربا الفاحش المضاعف حيث كانت عادة الناس لما تنتهي المدة ويعجز المدين عن سداد ما عليه يؤخر له الأجل وتضاعف له الزيادة ، فقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون ) .
المرحلة الرابعة : ورد التحريم الكلي النهائي الجازم القاطع في سورة البقرة الآية 275 ، فقال تعالى : ( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا ) ، وفي نفس السورة الآية 278/279 ، قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و ذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ) .
أضرار الربا :
الربا محرم في جميع الأديان السماوية والسبب في تحريمه ما فيه من أضرار متنوعة :
الربا يولد في النفس الأنانية ، فالمرابي لا يهمه إلا جمع المال بأي طريقة كانت حتى يتحول إلى حيوان بشري من جراء هذه الأنانية
الربا يولد العداوة والبغضاء بين الناس ويتسبب في تفكيك الروابط الإنسانية والإجتماعية لما فيه من الجشع وحب النفس على حساب الآخرين .
لقد ثبت أن الربا عامل من عوامل التضخم وتكدس الثروات بين فئة قليلة من الناس لا تكسب المال بالجهد بل بإستغلال حاجة الناس إلى المال في أعسر الظروف
الربا يقضي على الإرادة وروح التنافس وهذا يؤدي إلى تعطيل المشاريع
لقد تأكد في هذا الزمن أن الربا معول لهدم المجتمعات إذا صار وسيلة في يد الدول الإستعمارية تستعبد به الدول الأخرى ولهذا فإننا نرى المترفين يزدادون ترفا بينما يزداد الفقراء فقرا بسبب الديون المتراكمة وفوائدها الربوية المتزايدة .
تفضي المعاملات الربوية إلى نشوء طبقة مترفة تكون سببا في زوال الأمم والحضارات وتكون عائقا امام كل محاولات الإصلاح .
أنواع الربا :
ربا البيع عند جمهور الفقهاء نوعان : ربا النسيئة وربا الفضل .
ربا النسيئة : هو تأخير قبض البدلين ( نقدين أو مطعومين ) بجنسه أو بغير جنسه .
حكمه : يحرم هذا النوع بدليل ما رواه أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن مبادلة الحنطة بالشعير والذهب بالفضة إلى أجل : فقال ( لا ربا إلا في النسيئة ) رواه الشيخان .
علة تحريمه : قال المالكية : علة تحريم النسيئة في الذهب والفضة هي النقدية ( الثمنية ) أما في الطعام فهي المطعومية .
ربا الفضل : هو مبادلة بدلين ( نقدين أو مطعومين ) من جنس واحد مع زيادة أحدهما على الآخر .
حكمه : يحرم أيضا هذا النوع بدليل حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد ، فإذا إختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد ) رواه مسلم
علة تحريمه : قال المالكية : العلة في تحريم ربا الفضل أمران :
النقدية في الذهب والفضة .
الإقتيات والإدخار في الطعام ، أي أن يكون الطعام مقتاتا ، بمعنى أن الإنسان يقتات به غالبا بحيث تقوم عليه بنيته ، أي أنه لو إقتصر عليه لعاش من دونه ، كالحبوب كلها والتمر ، واللحوم والألبان ، وما يصنع منها ، وفي معنى الإقتيات إصلاح القوت كالملح ونحوه من الخل والبصل والثوم والزيت . ومعنى كونه صالحا للإدخار أنه لا يفسد بتأخيره مدة من الزمن ، لا حد لها في ظاهر مذهب الإمام مالك ، وإنما المرجع فيه العرف .
الطعام المتجانس :
القمح والشعير والسلت ( الشعير الخالي من القشرة ) ، جنس واحد . التوابل جنس واحد ، البقول جنس واحد ، الحليب ومشتقاته جنس واحد ، لحوم ذوات الأربع جنس واحد ، لحوم الطيور جنس واحد ، لحوم البحر جنس واحد.
قواعد عامة وهامة :
في حالة تبادل ذهب أو فضة أو طعام جنس بنفس جنسه تحرم فيه النسيئة ويحرم فيه الفضل .
مثل الذهب مقابل الذهب أو الفضة مقابل الفضة أو التمر مقابل التمر من نفس الجنس تشترط الفورية والمساواة .
وفي حالة تبادل ذهب أو فضة أو طعام جنس بغير جنسه تحرم فيه النسيئة دون الفضل .
مثل الذهب مقابل الفضة أو التمر مقابل القمح تشترط فقط الفورية .