سقاية ضيوف الرحمن
مكة المكرمة أقدس بقاع الأرض، مهد الدين الحنيف منبع خير ماء على وجه الأرض، كانت وستبقى للأبد قبلة المسلمين في صلاتهم، ووجهة الملايين منهم لتأدية شعائر الحج.
ولخدمة هذه القاعدة العريضة من قاصدي البيت العتيق تعمل كافة القطاعات في المملكة العربية السعودية بأعلى المعايير الممكنة لتنظيم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، تحقيقاً للأهداف السامية التي رسمها الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود طيب الله ثراه وسار على تحقيقها من بعده أبناؤه البررة حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله وولي عهده الأمين.
مكتب الزمازمة الموحد هو أحد القطاعات المعنية بخدمة ضيوف الرحمن رسالته سامية ومهمته ممتدة الجذور، تتمثل في سقيا حجاج بيت الله الحرام ماء زمزم المبارك منذ قدومهم الأراضي المقدسة وحتى مغادرتهم، وفق خطط ونظم وآليات متعددة، تتميز باستخدام أحدث الوسائل التقنية.
زمزم قدسيته:
قال تعالى: ((أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)) [التوبة:19].
لما نزلت هذه الآية الكريمة قال العباس بن عبد المطلب: {ما أراني إلا تارك سقايتنا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أقيموا على سقايتكم فإن لكم فيها خيراً} رواه الطبري.
وقال عز وجل: ((رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)) [إبراهيم:37].
فكان ماء زمزم المبارك أولى ثمرات سقيا الله تعالى لابن خليله إسماعيل عليهما الصلاة والسلام.
ومن أقواله صلى الله عليه وسلم في قدسية زمزم: {خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم فيه طعام طعم وشفاء سقم} رواه مسلم.
كما أنه كان عليه الصلاة والسلام إذا أراد أن يتحف الرجل تحفة سقاه من ماء زمزم، كذلك حرص على ألا ينقطع ماء زمزم عنه وهو في المدينة المنورة بل كان يستعجل في طلبه، فقد كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سهيل بن عمرو رضي الله عنه: {إن جاءك كتابي هذا ليلاً فلا تصبحن وإن جاءك نهاراً فلا تمسين حتى تبعث إلي بماء زمزم} سنن البيهقي.
السقاة تاريخهم
اندثرت بئر زمزم مدة من الزمن، ثم ظهرت على يد عبد المطلب بن هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم الذي قام بخدمة الحجيج وسقايتهم زمزم..، واستمر من بعده في شرف هذه المهنة ابنه العباس رضي الله عنه حتى بعد ظهور الإسلام، فقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم، أتى زمزم وهم يسقون ويعملون فيها فقال: {اعملوا فإنكم على عمل صالح} ثم قال: {لولا أن تغلبوا لنزلت حتى أضع الحبل على هذه} يعني عاتقه، وأشار إلى عاتقه. رواه البخاري.
كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حين دخل مكة يوم الفتح قام بين عضادتي باب الكعبة فقال في خطبة الوداع: {ألا إن كل دم أو مال أو مأثرة كانت في الجاهلية فهي تحت قدمي هاتين إلا سقاية الحاج وسدانة الكعبة فإني قد أمضيتها لأهلها على ما كانت عليه في الجاهلية} فتح الباري بشرح صحيح البخاري.
واستمرت مهنة السقاية في آل العباس وأبنائهم ونسلهم ومن عمل معهم عدهم، وقد عرفت آنذاك (بالرفادة والسقاية).
أما (الرفادة) فسميت بعد ذلك بالطوافة ويمتهنها الآن (المطوفون) وتفرع منهم الأدلاء والوكلاء.
وأما (السقاية) فسميت بعد ذلك بالزمزمية التي يمتهنها الآن (الزمازمة).
وهذا موجز لأساس نشأة أرباب الطوائف.
السقاية في العهد السعودي:
بقيت مهنة سقاية حجاج بيت الله الحرام حتى دخول صقر الجزيرة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود طيب الله ثراه الحجاز، فأرسى فيها الأمن والاستقرار وأوصى باستمرار عمل أرباب الطوائف على ما كانوا عليه تيمناً واقتداء بالسنة النبوية الشريفة، فقال رحمه الله: (كل من كان من العلماء في هذه الديار أو من موظفي الحرم الشريف أو المطوفين ذو راتب معين فهو له على ما كان عليه من قبل إن لم نزده فلا ننقصه شيئاً...) صحيفة أم القرى الصادرة في 15 جمادى الأولى 1343هـ وتأكيداً لأمر المؤسس فقد توالت الأوامر الملكية السامية باستمرار عمل السقاة ومنها:
أولاً: الأمر السامي الكريم رقم 7807 وتاريخ 22/ 11/ 1351 هـ المصادق على تعليمات جراري الزمازمة والمحدد به رسوم تلك الخدمات.
ثانياً: المرسوم الملكي الكريم رقم م/12 وتاريخ 9/ 5/ 1385 هـ بشأن تحديد عوائد أرباب الطوائف ومنها خدمات الزمزمي بمبلغ (3.30) ثلاثة ريالات وثلاثون هللة عن كل حاج.
ثالثاً: المرسوم الملكي الكريم رقم 4/ ص 15217 وتاريخ 9/ 7/ 1397 هـ بشأن رفع أجور خدمات أرباب الطوائف ومنها خدمات الزمزمي لتصبح (11.55) أحد عشر ريالاً وخمساً وخمسون هللة.
رابعاً: الأمر السامي الكريم رقم 954 وتاريخ 16/ 1/ 1402 هـ بالموافقة على إبقاء طائفة الزمازمة وقصر عملهم خارج الحرم المكي الشريف.
وبناء عليه صدر قرار معالي وزير الحج والأوقاف رقم 367/ ق/ م وتاريخ 21/ 9/ 1403 هـ بإنشاء مكتب الزمازمة الموحد.
مكتب الزمازمة الموحد
أهدافنا:
انطلاقاً من حرص حكومة المملكة العربية السعودية على خدمة ضيوف الرحمن وتوفير كافة الإمكانات التي من شأنها ضمان أفضل الخدمات، أصبح مهماً توحيد طائفة الزمازمة تحت مظلة مكتب الزمازمة الموحد لتقديم خدماتهم بما يتوافق مع تطلعات حكومتنا الرشيدة.
وتنفيذاً للتوجيهات الكريمة انحصر عمل المكتب خارج نطاق الحرم المكي الشريف في سقيا حجاج بيت الله الحرام بمساكنهم داخل مكة المكرمة تحت إشراف مباشر من وزارة الحج. وما كان ذلك إلا نتيجة للتوسع العمراني الهائل الذي تشهده مدن المملكة على وجه العموم، والعاصمة المقدسة على وجه الخصوص.
أهدافنا:
* حصول الحاج على ماء زمزم في مسكنه بمكة المكرمة بأيسر الطرق.
* المساهمة في التخفيف من التكدس والازدحام على بئر زمزم داخل المسجد الحرام.
* مواكبة النهضة الشاملة التي تشهدها المملكة العربية السعودية.
* التميز في تقديم ماء زمزم المبارك بأحدث الوسائل التقنية.
* القضاء على ظهور سوق سوداء لبيع ماء زمزم بطرق غير صحية.
* المساهمة في دفع عجلة الاقتصاد الوطني بزيادة فرصة العمل في مجال السقيا.
* التطلع لتقديم خدمة سقيا ماء زمزم للمعتمرين والمواطنين على مدار العام.
خدماتنا:
حرصاً من مكتب الزمازمة الموحد على تقديم أفضل الخدمات لتلبية رغبات حجاج بيت الله الحرام في الحصول على ماء زمزم المبارك.
تلخصت برامج عمله التنفيذية في:
- استقبال الحاج داخل مراكز التوجيه بعبوة بلاستيكية مبردة ومعبأة آلياً سعة (0،30) لتر.
- سقيا الحاج بمسكنه داخل مكة المكرمة بواقع (لتر واحد يومياً) مدة إقامته بالمسكن بواسطة عبوة اسطوانية معبأة آلياً سعة (20 لتر).
- توديع الحاج في مراكز التفويج بخير هدية يصطحبها لبلاده عبوة بلاستيكية معبأة آلياً من ماء زمزم سعة (1.5 لتر).
علماً بأن كافة العبوات التي يقدمها المكتب للحاج معبأة آلياً ومعقمة بالأشعة فوق البنفسجية ومطابقة لشروط هيئة المواصفات والمقاييس السعودية.
لذلك فإن كل ما يتقاضاه المكتب من رسوم رمزية مسبوقة الدفع يدفعها الحاج نظير ما يقدم له من خدمات ليس الهدف منه الربح أوالمتاجرة بل هو تأصيل لمهنة ممتدة الجذور، ومساهمة لتقديم أفضـل الخدمات لضيوف الرحمن.
مشاركاتنا:
يشارك مكتب الزمازمة الموحد في عدد من المناسبات والاحتفالات الرسمية على مدار العام داخل المملكة العربية السعودية وخارجها وذلك عن طريق السقيا بالطريقة التقليدية بالإضافة إلى توزيع عبوات بلاستيكية مبردة من ماء زمزم.
ومن أهم مشاركات المكتب:
- مسابقة الملك عبد العزيز الدولية للقرآن الكريم.
- المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية.
- الاحتفالات والمناسبات الرسمية والدينية والأمنية والأدبية المختلفة للوزارات والدوائر الحكومية.
- المؤتمرات الخاصة بإرشاد الحجاج وتوعيتهم في عدة عواصم إسلامية منها (ماليزيا- تركيا- جنوب إفريقيا) وغيرها.
- مهرجان الحضارة الإسلامية بدولة ماليزيا.
إحصائيات موسم حج 1423 هـ:
إجمالي عدد الزمازمة بالمكتب (850) مساهم ومساهمة.
- عدد العاملين الموسميين بالمكتب (950) موظفاً موسمياً.
- عدد الناقلات (120) ناقلة.
- عدد العبوات البلاستيكية الموزعة بمراكز القدوم والمغادرة (2.800.000) عبوة.
- عدد العبوات الاسطوانية سعة (20 لتر) الموزعة داخل مكة المكرمة (1.000.000) عبوة.
- إجمالي عام عدد اللترات الموزعة (82.000.000) لتراً.