قال عبد الملك: ثم ماذا؟ قال محمد بن جبير: ثم حفر أمية بن عبد شمس (الجفر) لنفسه، وحفر ميمون بن الحضرمي حليفك بيره وكانت آخر بير حفرت من هذه الآبار في الجاهلية قال: أرأيت قول الله تعالى: ((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا)) [الملك:30] قال: يعني تلك الآبار التي كانت تغور فيذهب ماءها ((فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ)) [الملك:30] زمزم ماءها معين.
قال غير محمد بن جبير: مجاهد وعطاء وغيرهما من أهل العلم في قوله تعالى: ((فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ)) [الملك:30] قالوا: زمزم، وبير ميمون بن الحضرمي.
قال محمد بن جبير: فلما حفرت بنو عبد مناف آبارها سقوا الناس واستقوا الناس عليها، فشق ذلك على قبايل قريش ورأوا أنهم لا ذكر لهم في تلك الآبار.
حفرت قريش آباراً وجعلوا يتبارون بها في الري والعذوبة حتى كاد أن يكون في ذلك شر طويل فمشت في ذلك كبراء قريش فاقصر الشر.
وحفرت بنو عبد أسد بن عبد العزى (شفيه) بير بني أسد.
وحفرت بنو عبد الدار (أم أحراد).
وحفرت بنو جمح (السنبلة) وهي بير خلف بن وهب. وحفرت بنو سهم (الغمر).
وحفرت بنو مخزوم (السقيا) بير هشام بن المغيرة.
وحفرت بنو تميم (الثريا) وهي بير عبد الله بن جدعان. وحفرت بنو عامر بن لؤي (النقع).
قال عبد الملك: يا أبا سعيد إن هذا العلم لو سألت عنه جميع قومك ما عرفوه.
قال محمد بن جبير: ليأتين عليهم زمان لا يعرفون ما هو أظهر من هذا.
قال عبد الملك: أي والله.
الآبار التي حفرت بعد زمزم في الجاهلية
قال أبو الوليد
) الآبار التي حفرت في الجاهلية بعد زمزم:
بير في دار محمد بن يوسف البيضاء حفرها عقيل بن أبي طالب، ويقال: حفرها عبد شمس بن عبد مناف ونثلها عقيل بن أبي طالب يقال لها (الطوى).
بئر الأسود: وبير الأسود بن البختري كانت على باب دار الأسود عند الحناطين، دخلت في دار زبيدة الكبيرة عند الحناطين.
ركايا قدامة: وركايا قدامة بن مظعون حداء أضاة النبط بعرنه في شقها الذي يلي مكة قريباً من السيرة. * بئر حويطب: وبير حويطب بن عبد العزي في بطن وادي مكة بفناء دار حويطب.
* في بئر خالصة: والبير التي نثلث خالصة مولاة الخيزران بالسقيا في المسيل الذي يفرع بين ما سمي عرفه ومسجد إبراهيم.
* بئر زهير: بير بأجياد في دار زهير بن أبي أمية بن المغيرة المخزومي.
آبار مكة بعد الإسلام:
* بئر الياقوتة: قال أبو الوليد( ): الياقوتة التي بمنى حفرها أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خلافته فعملها الحجاج بن يوسف بعد مقتل ابن الزبير وضرب فيها وأحكمها.
* بئر عمرو: وبير عمرو بن عثمان بن عفان التي بمنى في شعب آل عمرو.
* بئر الشركاء: وبير الشركاء بأجياد لبنى مخزوم. * بئر عكرمة( ): وبير عكرمة بأجياد الصغير في الشعب الذي يقال له: الأيسر.
* بئر الصلا: وبيار الأسود بن سفيان بن عبد الأسد المخزومي.
* الصلا: في أصل ثنية أم قردان.
* بئر الطلوب: وبير يقال لها الطلوب كانت لعمرو بن عبد الله بن صفوان الجمحي في شعب عمرو بالرمضة دون الميثب.
* بئر أبي موسى: وبير أبو موسى الأشعري بالمعلاة على فم شعب أبي دب بالحجون حفرها حين انصرف من الحكمين إلى مكة.
* بئر شودب: وبير شودب كانت عند باب المسجد عند باب بني شيبة فدخلت في المسجد الحرام حين وسعه المهدي في خلافته في الزيادة الأولى سنة إحدى وستين ومائة وشوذب مولى لمعاوية بن أبي سفيان.
* بئر البرود: والبرود بفخ( ) حفرها خراش بن أمية الخزاعي الكعبي، يقول الشاعر: بين البرود وبين بلدح نلتقي
* بئر بكار: وبير بكار بذي طوى، وبكار رجل من العراق كان سكن مكة وأقام بها.
* بئر وردان: ووردان مولى المطلب بن أبي وداعة بذي طوى عند سقاية سراج بفخ، وسراج مولى بني هاشم.
* بئر الصلاصل: وبير الصلاصل بفم شعب البيعة عند العقبة، عقبة منى، ولها يقول أبو طالب: ونسلمه حتى نصرع حوله ونذهل عن أبناءنا والحلايل وينهض قوم في الحديد إليكم نهوض الروايا تحت ذات الصلاصل
* بئر السقيا: وبير السقيا عند المازمين، ما زمى عرفة عملها عبد الله بن الزبير بن العوام رحمه الله تعالى.
كما ذكر الأزرقي( ) أيضاً آبار أخرى:
* بئر ابن أبي سمير: ذكرها في شعب الخوز.
* حياض ابن هشام بمنى: ذكرها في المفجر وأشار إليه ياقوت في الأقحوانة.
* بئر زينب بنت سليمان بن علي: ذكرها في شعب المتكا بأجياد.
* بئر جعفر بن محمد: كذلك ذكرها في شعب المتكا بأجياد.
* بئر عنبسة: ذكرها في مقبرة الأنصاري.
* بئر أبي جراب: ذكرها ياقوت نقلاً عن الفاكهي، فقال: في أسفل من عقبة منى دون القبور على يمين الذاهب إلى منى منسوب إلى أبي جراب عبد الله بن عبد الله بن الحارث.
* بئر نافع بن علقمة: ذكرها في المفجر.
بئر زمزم والسقاية:
من القرن الأول إلى القرن الثالث الهجري يقول الدكتور وصي عباس( ): يبدو أن بئر زمزم كانت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كبئر عامة في شكلها ولم يكن عليها بناء ولا قبة، ولا بد أن تكون مطوية بحجارة مرضومة بجدار قصير، وكان الماء ينزع فيها بالدلاء، وإن لم يكن من شطحات الخيال، فأنا أتخيل أنه كانت عليها بكرة كانت تنزع الدلاء بواسطتها، ويشير إليه ما روى البخاري من قوله صلى الله عليه وسلم: {لولا أن تغلبوا لنزلت حتى أضع الحبل على هذه} وأشار إلى عاتقه.
فإن وضع الحبل على العاتق لا يتصور في حالة نزع الماء من البئر بدون بكره وإنما هذا متصور فيما إذا كان النزع بالبكرة. والله أعلم.
وكان العباس وأهله يسقون الناس عليها في عامة الأوقات وخاصة في أيام الحج، كما تدل الروايات على أنه كان بجانب البئر حوض أو لعله ماعون كبير كجرة أو حوضان كان يستقي منهما الناس ويتوضؤن، وكان الحوض الذي يستقي منه الناس تعرف بسقاية العباس.
وهناك روايات تدل على وجود صفة بجانب البئر كانت تعرف بصفة زمزم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. والصحابة رضي الله عنهم.
فقد روى الشافعي وسعيد بن منصور جميعاً عن سفيان ابن عيينة عن سليمان الأحول قال.: سمعت طاووساً يقول: كسفت الشمس فصلى بنا ابن عباس في صفة زمزم ست ركعات في أربع سجدات.
ويتحدث الفاكهي( ): عن (حوض زمزم في عهد ابن عباس رضي الله عنهما) فيقول: حدثنا الزبير بن أبي بكر قال: حدثني يحيى بن محمد بن ثوبان عن غير واحد من المكيين، قال: إن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كان يقعد يسقي الحاج في موضع قبة الخشب إلى جانب سقاية النبيذ.
وذكر بعض أهل مكة أن موضع مجلسه في حد ركن زمزم الذي يلي الصفا والوادي وهو على يسار من دخل زمزم.
كما قال الفاكهي أيضاً: حدثني الزبير بن أبي بكر، قال: ثنا يحيى بن محمد عن غير واحد من المكيين. قال: كان أول من عمل تلك القبة سليمان بن علي عبد الله بن عباس في ولاية خالد بن عبد الله القسري على مكة قال: ثم عملها أبو جعفر المنصور في خلافته وأحكمها وقال غير الزبير: وعمل على زمزم شباكاً ثم عملها المهدي وعمل شباك زمزم أيضاً وعمل على مجلس ابن عباس رضي الله عنهما رفا في الركن على يسارك وقال مسلم بن خالد فيما ذكروا: إن موضع السقاية التي للنبيذ بين الركن وزمزم مما يلي ناحية بني مخزوم.