والمسلم يؤمن بما أخبر الرسول ( من خروج أمة مفسدة في آخر الزمان، وهي يأجوج ومأجوج، قال الله -تعالى-: {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون. واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين} [الأنبياء: 96-97].
وعن زينب بنت جحش -رضي الله عنها- أن رسول الله دخل عليها يومًا فزعًا يقول: (لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا (حلق بأصبعيه الإبهام والتي تليها)). قالت زينب بنت جحش: يا رسول الله، أفنهلك وفينا الصالحون؟ قال: (نعم إذا كثر الخبث) [البخاري].
وقد أخبر الله عنهم في القرآن الكريم موضحًا ما صنعه العبد الصالح ذو القرنين معهم، وكيف حمي الناس من شرهم، قال تعالى: {حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قومًا لا يكادون يفقهون قولاً. قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجًا على أن تجعل بيننا وبينهم سدًا. قال ما مكني فيه ربي خيرًا فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردمًا. آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارًا قال آتوني أفرغ عليه قطرًا. فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبًا. قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقًّا} [الكهف: 93-98].
إن الله مكن لذي القرنين في الأرض، فأخذ بالأسباب، وتجول في الأرض حتى وصل إلى قوم لا يكادون يفقهون قولا، فرأوا على وجهه علامات الصلاح، ووجدوا فيه القوة، فعرضوا عليه أن يمنع عنهم هذه الأمة المفسدة التي كانت تظلمهم، وتأخذ خيراتهم مقابل جزء من المال، فأسرع ذو القرنين- الذي يعلم أن هذه القدرة إنما هي من عند الله تعالى، فقبل أن يحميهم من شر يأجوج ومأجوج فردم الفجوة التي كانت بين السدين بالحديد والنحاس المنصهر. فلم يستطع هؤلاء المفسدون أن يقفزوا من فوق هذا السد، ولن يستطيعوا أن يهدموه، حتى تقترب الساعة فيأذن الله -عز وجل- لهؤلاء المفسدين بالخروج، فيمرون على بحيرة طبرية في فلسطين فيشربون ماءها كله لكثرة عددهم حتى إن آخرهم يتعجب ويقول لقد كان بهذه مرة ماء!!
كما قال (: (ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حَدَب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية، فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون: قد كان بهذه مرة ماء) [مسلم].
أهوال القيامة:
والمسلم يؤمن بما أخبر الرسول ( من خروج نار من أرض الحجاز، قال (: (لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى) [متفق عليه].
والمسلم يؤمن بأن هناك مؤشرات أخرى ليوم القيامة مثلما يحدث من تغيير شامل للكون من انشقاق السماء، وتصادم الكواكب، وتفتت الأرض، وتناثر النجوم، وتخريب كل شيء، وتدمير كل ما عرفه الناس في هذا الوجود. قال تعالى: {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1]. وقال: {إذا السماء انفطرت. وإذا الكواكب انتثرت} [الانفطار: 1-2] وقال تعالى: {إذا الشمس كورت} [التكوير: 1]. وقال سبحانه: {فإذا النجوم طمست} [المرسلات: 8]. وقال: {إذا رجت الأرض رجًا. وبست الجبال بسًا. فكانت هباء منبثًا} [الواقعة: 4-6]. وقال: {يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبًا مهيلاً} [المزمل: 14]. وقال: {ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نفسًا. فيذرها قاعًا صفصفًا. لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا} [طه: 105- 107]. وقال: {وإذا البحار فجرت} [الانفطار: 3] وقال: {وإذا البحار سجرت} [التكوير: 6]. وقال: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار} [إبراهيم: 48].
وقال أيضًا: {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم. يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد} [الحج: 1-2]. ويكون ذلك على أثر النفخة الأولى التي يأمر الله -عز وجل- بها إسرافيل الملك الموكل بالنفخ في الصور، فيصعق كل من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، قال تعالى: {ونفخ في الصور فصعق من في السموات والأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون} [الزمر: 68].
وقال أيضًا: {فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة. وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة. فيومئذ وقعت الواقعة. وانشقت السماء فهي يومئذ واهية}
[الحاقة: 13-16].
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله (: (يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟) [البخاري].
والمسلم يؤمن بما أخبر به الله -عز وجل- وأخبر به الرسول ( عن البعث وخروج الناس من قبورهم مرة أخرى، ويكون ذلك بعد أن ينفخ إسرافيل النفخة الثانية، فيقوم الناس للحساب. قال (: (يصعق الناس حين يصعقون فأكون أول من قام، فإذا موسى آخذ بالعرش فما أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي، أو كان ممن استثنى الله) [البخاري].
قال تعالى: {يوم يبعثهم الله جميعًا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد} [المجادلة: 6].
وتعود الأرواح إلى الأبدان كما كانت في الدنيا، فيقول الكافرون والمنافقون: {قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون}
[يس: 52]. ويقول المؤمنون: {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون} [يس: 52]
البعث:
والمسلم يؤمن بما أخبر به الرسول ( حيث قال: (يبعث كل عبد على ما مات عليه) [مسلم]. وقد أنكر المشركون البعث والإحياء بعد الموت فقالوا: {أئذا متنا وكنا ترابًا ذلك رجع بعيد} [ق: 3].
وقال تعالى: {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون} [الجاثية: 24].
فهم أنكروا حقيقة ذلك اليوم، ولكن الله -عز وجل- ردَّ عليهم وبيَّن لهم أن
الله -عز وجل- قادر على أن يعيدهم مرة أخرى كما خلقهم فقال تعالى: {والله أنبتكم من الأرض نباتًا. ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجًا} [نوح: 17-18]، فليس من المعقول أن يعيش الناس في الحياة الدنيا، فيظلم الظالم ويفجر الفاجر، ثم يموتون فلا يبعثون، ليجزيهم الله على أعمالهم، هذا يتنافى مع عدل الله -عز وجل-، لذلك أمر الله نبيه محمدًا ( أن يقسم بالله على حدوث البعث، قال تعالى: {زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن} [التغابن: 7]. فما أعظمه من قسم يؤكد الله -عز وجل- به إحياء الناس وحسابهم على كل صغيرة وكبيرة فعلوها في دنياهم.
الحشر:
والمسلم يؤمن بما أخبر الله به عن الحشر، حيث يُحشر الناس على أرض بيضاء مستوية لا ارتفاع فيها ولا انحراف، قال (: (يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء) [متفق عليه]. وأنه سبحانه يحشر الناس حفاة لا يلبسون نعالا في أقدامهم، ويحشرهم عراة ليس عليهم ملابس، غرلا غير مختونين، كما ولدتهم أمهاتم، قال (: (يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا). قالت عائشة: يا رسول الله، النساء والرجال جميعًا ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال (: (يا عائشة، الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض) [مسلم].
والناس يوم القيامة يحشرون على أصناف، فمنهم الماشي، ومنهم الراكب، ومنهم الذين تسحبهم الملائكة على وجوههم. قال (: (يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف، صنفًا مشاة، وصنفًا ركبانًا، وصنفًا على وجوههم). قيل: يا رسول الله، وكيف يمشون على وجوههم؟ قال: (إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يُمشيهم على وجوههم) [الترمذي].
الموقف العظيم:
المسلم يؤمن بتبشير الملائكة للمؤمنين برضا الله ودخول الجنة قال تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون. نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون. نزلاً من غفور رحيم} [فصلت: 30-32].
والمسلم يؤمن بأن الموقف يوم القيامة يكون عظيمًا، يذهل الناس ويفزعهم، لما فيه من مصاعب وأهوال، قال الله -عز وجل-: {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم. يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد}
[الحج: 1-2].