غياب إطار قانوني حولهم إلى كرة تتقاذف مابين الوظيف العمومي ووزارة التربية
هدّد الأساتذة المتعاقدون بالانسحاب الجماعي، لمقاطعة التدريس بالمؤسسات التربوية على المستوى الوطني، الأحد المقبل، في حال عدم استجابة السلطات الوصية على قطاع التربية بتبني مطلبهم الرئيسي المرفوع في احتجاجهم المتواصل، ويتعلق بحق الإدماج في مناصب العمل التي يشغلونها حاليا.
وأكدت، مريم معروف، ممثلة المجلس الوطني للأساتذة المتعاقدين، خلال "ندوة الشروق"، أن جميع الاقتراحات مطروحة وسط المحتجين، ومجسدة في ثلاثة قرارات ستتخذ بعد أسبوعين من الاعتصام، نهاية الأسبوع المتزامن مع نهاية العطلة الربيعية، وتتعلق بترك مناصب العمل خلال الشهرين المتبقين من الدراسة، الإضراب عن الطعام أو الانتحار الجماعي.
ويأتي قرار الانسحاب الجماعي المطروح من قبل الأساتذة المتعاقدين المعتصمين أمام مقر رئاسة الجمهورية، منذ 9 أيام، شهرين قبيل إجراء امتحانات شهادة البكالوريا، علما أن عدد كبير من أصل 20 ألف متعاقد يضمنون تدريس الأقسام النهائية في الطور النهائي، وهو الأمر الذي سيرهن تكملة الدروس والبرنامج ويحدث خللا في عملية تحديد عتبة الدروس بشكل موحد.
"إذا كنا لسنا أهلا للتعليم فمسؤولي الوزارة أهلا للمحاكمة"
استغرب الأساتذة المتعاقدون لجوء وزارة التربية الوطنية للاستعانة بهم في غياب تخصصات مطابقة للمنصب المالي الموجود بمؤسسة تعليمية ما، والاستغناء عنهم في آخر المطاف، وكذا عدم الاعتراف بتخصص علم النفس المدرسي، مؤكدين "إذا كنا أهلا للتعليم لماذا لا ندمج، وإذا كان العكس فلماذا تركتمونا ندرس أجيالا لسنوات، إذن هذه جريمة يفترض أن تحاكمون عليها". مضيفين "سنة 2001 و2002 أدمجت الحكومة وبقرار 50 ألف متعاقد، فيجب أن تكون لها الشجاعة مع 20 ألف متعاقد متبقيين في قطاع التربية".
وأكد المتحدثون الممثلون لمختلف الولايات، خلال الندوة، أن الأمين العام للوزارة أجابهم بأنه " إذا حصل الإدماج ستحصل ثورة"، وهو اعتراف ضمني بحقهم في الإدماج لكن الخوف بأن تثور باقي القطاعات، مستغربين قرار وزير البريد بإدماج 3 آلاف متعاقد وعجز وزير التربية عن اتخاذ قرار مماثل.
التخصص شماعة تعلق عليها الوزارة سبب الإقصاء
وقال ضيوف "الشروق" أن وزارة التربية الوطنية تنتهج سياسة ترقيعية ولا تفكر في الإصلاح الحقيقي، واعتبروا أن "التخصص شماعة تعلق عليها الوزارة سبب الإقصاء، فلو كان الأمر بالتخصص فلماذا لا يطبق على مستويات عليا ويفرض فقط على الأستاذ المتعاقد"، موضحين أن الوزارة تفيد بأن الوظيف العمومي هو من يفرض التخصصات والوظيف العمومي يحمل ذلك للوزارة الوصية.
حرمان من المنح والعطل المرضية وإلزام بتدريس الساعات الإضافية
ويشتكي الأساتذة المتعاقدون من غياب إطار قانوني يحمي حقوقهم، ويقيهم تبعات الإجراءات التعسفية للإدارة التي تقوم بفصل كل أستاذ متعاقد يحال إلى عطلة مرضية مهما ساءت ظروفه الصحية، ويخلصهم من صفة أساتذة من الدرجة الثانية عن طريق جعلهم يستفيدون من كافة الحقوق غير منقوصة.
ومن بين العقبات التي تؤرق الأستاذة المتعاقدين هو الخشية من التعرض لوعكات صحية، لأن وضعيتهم كأساتذة غير مرسمين يمنعهم من التغيب لمدة أزيد من 48 ساعة عن المنصب ويتعرض من يخالف ذلك إلى الفصل، وبالتالي فقدان لقمة العيش أو الراتب الزهيد الذي تقتات منه أسر بكاملها.
ولا يحقّ للأستاذ المتعاقد على خلاف باقي الأساتذة تقاضي راتبه الشهري، خلال فترة العطل، مع أنه يبذل نفس الجهد ويحمل الرسالة النبيلة ذاتها التي يحملها الأستاذ المرسّم، علما أن تطبيق هذا القرار يتباين من ولاية لأخرى، لأن بعض مناطق الوطن لا تحرم الأستاذ المتعاقد من هذا الحق، كما أن تسديد الرواتب يتم مرة أو مرتين في السنة على أكثر تقدير، خلافا لما وعد به بن بوزيد شخصيا، الذي طمأن الأساتذة المتعاقدين بتسوية وضعيتهم من خلال تمكينهم من تقاضي رواتبهم شهريا وبطريقة منتظمة.
ولا تحترم معظم مديريات التربية قرار بن بوزيد، لأن غالبية المتعاقدين لا يحصلون على رواتبهم إلا بعد انقضاء السنة الدراسية، والمحظوظين فقط من يتقاضونها على دفعتين وهم في المقابل مطالبون بتأمين مصاريف الحياة، كما يتم حرمان الكثير منهم من منحة التوثيق والتأهيل التي تتراوح ما بين 7 آلاف و8 آلاف دج شهريا، في وقت هددت مديريات التربية المتعاقدين بإعادة المنحة ذاتها في حال القيام بحركة احتجاجية، وهم ملزمون بتدريس الساعات الإضافية دون مقابل.
اتهام بن بوزيد بتطبيق سياسة ملء الفراغ
ويرفض الأساتذة المتعاقدون أن يتحولوا إلى كرة تتقاذفها وزارة التربية الوطنية والوظيف العمومي، من خلال محاولة كل طرف التملص من قضية فرض تخصصات على كل من يريد الانتساب للقطاع، متهمين، الوزارة بممارسة سياسة سد الفراغ من خلال الاستعانة بالأساتذة المتعاقدين عندما تقتضي الضرورة لتقوم بالاستغناء عنهم في وجود بدائل، بدليل أنها قامت بتوظيف خريجي سنة 2010 وتسريح متعاقدين اشتغلوا لمدة فاقت 10 سنوات.
كما تقوم مديريات الوظيف العمومي بالاجتهاد لتحديد طبيعة الشهادات الجامعية التي يقبل التدريس بموجبها، فتخصص علوم التربية يتم قبوله في ولاية بومرداس ويتم رفضه في ولايات أخرى، كما تشترط بعض الولايات شهادة الإقامة للمشاركة في مسابقات التوظيف، وقد تم بيع هذه الشهادة في ولاية أدرار مثلا بمبلغ 3000 دج، ويؤكد بعض المتعاقدين الذين شاركوا في المسابقة الأخيرة سحب شهادات العمل من ملفاتهم، دون أن يتمكنوا من تحديد الجهة التي قامت بذلك، والغرض من ذلك في تقديرهم منح الأولوية للمتخرجين الجدد.
نريد قرارا جريئا منك يا رئيسنا
وفي رسالة موجهة لرئيس الجمهورية تلقت "الشروق" نسخة منها، قال الأساتذة المتعاقدون المعتصمون "صرخة واحدة للأساتذة نريد الإدماج دون استثناء، بعد سنوات من الاستغلال والعبودية وسياسة الإقصاء المتبعة من قبل الوزارة الوصية، فنحن معتصمون بالمرادية ومواصلون إلى غاية نيل مطلبنا أو إننا سندخل في إضراب عن الطعام أو حتى الانتحار الجماعي"، مضيفين "نريد قرار جريئا منك يا رئيسنا يدخل الأمل لـ20 عائلة جزائرية".
أصداء:
* أقصي أستاذ من المسابقة الخاصة بالمقتصدين بحجة أن له نقطة إقصائية في الفرنسية، وهو أستاذ مستخلف في الثانوية لمدة 9 سنوات في اللغة الفرنسية.
* يرفض المراقب المالي، في ولايات عديدة، التأشير على ملف الأستاذ المتعاقد الذي ليس لديه التخصص، إلى غاية الحصول على رخصة استثنائية من وزارة التربية الوطنية.
* الأمين العام للوزارة الوصية قال لمتعاقد تخصصه اقتصاد "لقد كبرت لحيتك يا بني في التعليم اذهب إلى الإحصاء والاقتصاد فهو تخصصك".
* الوزارة ترفض تنفيذ الإصلاحات في الطور الابتدائي باعتماد أستاذ التربية البدنية وعدم التفكير في التفريق بين المواد العلمية والمواد الأدبية.
* الخبرة المهنية لا تحتسب ميدانيا وإنما إعلاميا فقط، لأن المسابقات لم ينجح فيها سوى المتخرجون الجدد.
* التجار المجاورين للمعتصمين وسكان المرادية طالبوا من الأساتذة كتابة جميع احتياجاتهم، وعجوز في الثمانينات، تحضر كل يوم القهوة للمعتصمين وحتى الكسكسي.